بدي أحكي عن شغلتين؛ بالنسبة إلي مرتبطين ببعض، بس ممكن ما حدا يتفق معي بترابطهم: عن (1) أحمد الفيشاوي، و (2) منال موسى وهيثم الخلايلة.
(1)
لما كنت صف تاسع تقريباً كانت mbc تعرض برنامج شبابي توعوي نصف دعوي هادف اسمه "يلا شباب"؛ شهد أول ظهور لأحمد الشقيري كمقدم. من ضمن المقدمين معه كان الفنان "أحمد الفيشاوي" ابن "فاروق الفيشاوي" و"سمية الألفي". كان واضح إنه أحمد الفيشاوي داخل على الجو جديد؛ لما عملوا موسم من البرنامج تحت عنوان "رحلة مع الشيخ حمزة يوسف" كان ظاهر جداً مدى تأثره بالعالم الجديد اللي دخله وتعرف عليه، كان يبكي طول الوقت ومتأثر ويحاول يتغير ودائماً حوارات وأسئلة مع "الدعاة الجدد" وقتها وهكذا.
فجأة، طلعت عليه قصة زواج عرفي مع واحدة اسمها هند، وطلع له بنت من هالـ"زواج". المهم، ما ضل حدا بالصحافة والإعلام إلا وما خلى عليه ولا كلمة؛ كيف امبارح كان "بين الدعاة" واليوم "بين أحضان الحرام" وعجبوا عليه وطلع فاسق ومنافق وزنديق ومهرطق.
الشب اختفى، بطل يطلع ولا بإشي ديني ولا توعوي، ورجعت حليمة لعادتها القديمة، ورجع لعالم الفن وما يتبعه بعد ما طبعاً احتضن كل الفنانين "ابنهم العائد إلى رشده بعد هذا التوهان الديني".
بعد فترة، ذكر أحمد الشقيري ضمن كلمة إله إنه أحمد الفيشاوي لما وقع بمشكلته تخلى عنه كل الدعاة والواعظين اللي عرفهم عدا قلّة قليلة جداً؛ الكل هاجمه وتخلى عنه ونفى معرفته فيه، وما حدا عرض يساعده (مع إنها المفروض شغلتهم!)، والفنانين على الجانب المقابل سارعوا بمساعدته واستعادته لجانبهم. ما عم بحكم هون؛ فقط بذكر القصة.
(2)
منال موسى وهيثم الخلايلة؛ شابين من "عرب 48 / عرب الداخل (الإسرائيلي)" - (قمة في التلوث السمعي هالكلمة؛ عرب وفقط، فلسطينيون وفقط) - عندهم موهبة في الغناء وفكروا إنهم يشتركوا في البرنامج العربي Arab Idol ليستعرضوا موهبتهم، ويمكن، يغنوا شوي عن قضية فلسطين؛ اللي هي بطبيعة الحال قضيتهم.
من أول ما لاحوا في الأفق، ما ضل موقع أو قناة أو صحيفة إلا وكتبوا إنه هدول "إسرائيليين" ومشاركتهم ما هي إلا تطبيع مع الكيان الصهيوني، وغناؤهم لفلسطين استعطاف كاذب لزيادة نسب التصويت لصالحهم، وإنه منال خدمت في الجيش الإسرائيلي مدنياً، وأختها - صابرين - شاركت في برنامج مواهب إسرائيلي وغنت لـ"إله إسرائيل"، واليوتيوب اشتغل وما خلوا! جد ما خلوا!
طيب، حدا فكر كيف ممكن هلأ يكون شعورهم؟ كيف معقول يتلقوا هالكلام بعد ما حاولوا يتجاوزوا كل الظروف ليحتفلوا بعربيتهم وهويتهم "بين أهلهم" ولقوا هالـ"ترحيب"؟
يعني "إسرائيل" بتسمح للعرب داخلها بالمشاركة في برامجها وخدمة أهدافها؛ بينما إحنا العرب حتى لو إجى عنا عرب من هناك - من أولادنا - لا بد إنا نصنّفهم ونخوّنهم ونعتبرهم أعداءنا. الاختلاط بالعدو الإسرائيلي بشكل يومي ممكن فعلاً ينسّي البعض هويته وأصله. لكن ليش لازم تكون ردة فعلنا الأولى تجاه اللي إجى إلنا منهم هي الاتهام والشك والتخوين والتنبيش عن ماضيهم؟
منال وهيثم إلهم مشاركات في برامج هواة فلسطينية وغنوا للقضية وتلفّحوا بالكوفية وشمّوا هوا البلاد، وهم فلسطينيين أولاً وأخيراً. لما يوقفوا كل العرب ضدهم بينما "إسرائيل" ما عندها أي مشكلة تحتضنهم وتفتح ذراعيها إلهم وتقدم إلهم كل التسهيلات والدعم واللي بدهم إياه قديش ممكن يصمدوا؟ مين ممكن يختاروا؟ هم مش أولادنا؟ مش عرب متلنا؟ عزمي بشارة وأحمد الطيبي مش تبعنا؟ يعني ما بننبسط إلا إذا انسحبوا منال وهيثم واعتذروا إلنا إنهم فكروا يكونوا منا، ولقيناهم بعد سنة من هلأ بغنوا بالنوادي الليلية بـ"إسرائيل"؟
--------------------------
ليه دائماً بنصمّم نبعد الناس اللي بتقرّب منا؟ ليه بندور عكل إشي ممكن يخليهم مختلفين وغلطانين وما بنحاول نحتفل بتشابهنا وباللي بقرّبنا من بعض؟ ليه أي حدا من أولادنا بفكر يقرّب منا بنبعده وبنصدّه وبنورجيه إنه حيطنا عالي ورح نسعى لتشويهك وتهديمك وما حنقبل تكون بينّا - مع إنك منا - لإنّا أعلى وأهم؟ كم سنة بدنا؟ لسة بدنا؟ كتير لسة مطولين.