على سيرة إيقاف علاج ١٤٠٠ مريض بمركز الحسين للسرطان (وما تلاه من تراجع/بلبلة)، قبل فترة شعرت بإجهاد بسيط وعرضي جداً، جداً. حدا من هون وحدا من هناك حكى لي "روحي اعملي فحص جهد عند دكتور قلب بتطمّني على حالك. ما إنتِ عندك تأمين!". ووالله ما كذّبت خبر، بَحبَشت وسحبت حالي على دكتور طلع استشاري قلب عتيد في الأردن وما حولها ومعالج ملوك. وأنا عم بستنى الدور في عيادته (اللي كان ممتد #من_بَغدادَ_إلى_الصينِ) كان فيه مريض (ممكن في أوائل الأربعينيات) يظهر عليه تعب حقيقي وداخل في جدال لانهائي مع السكرتيرة؛ وهي تحكي له كلام على شاكلة "مليون مرة حكينا لك ما حنقدر نعالجك هون. ممكن تروح على مستشفى الجامعة ممكن يساعدوك. حاول تطلّع إعفاء لإنك بحاجة جلسات كتيرة وما رح يصرفوا لك الأدوية. يا ريت لو بقدر أعمل إشي بس صدّقني ما فيه إشي بإيدي". المهم، لمّا إجى دوري استقبلني مساعد الاستشاري، خلّاني أركض على "التريد ميل" كم دقيقة، وطلّع لي كم قراءة شافهم هالاستشاري العتيد لمّا وصلت عنده وحكى لي: "ما مالك إشي عمّو! ممكن يكون إرهاق عام؛ شِكلك بتشدّي على حالك زيادة". وسلامتكم! ولا طلب دواء ولا فحوص ولا غيره. وأنا طالعة من عنده، رحت عند السكرتيرة لحتى أتأكد من نموذج التأمين. بس خلّصت ناداني المريض إياه وسألني: "لو سمحتِ، بس سؤال، إنتِ هذا التأمين كيف بتقدري تجيبيه؟ مين بيعطيكِ إياه؟ كيف ممكن يكون عندي مثله؟".
تملّكني شعور غريب جداً لحظتها، وتركني أفكّر بما حدث لفترة طويلة بعدها.
التأمين الصحي هو من أبسط حقوق المواطنة. لا يمكن أن يكون مكرمة أو إعفاء أو منّيّة من أحد. وحتماً لا يجب أن يكون حصراً على المقتدرين، أو على الموظفين والمؤمّنين من شركاتهم!