Saturday 3 June 2017

نادين

أنا فخورة جداً بأختي نادين، وبتلك الأمور الصغيرة التي من شأنها إدخال السعادة والأمل لقلوب الناس في هذه الدنيا.

نادين تعمل في قسم الوراثة في المركز الوطني للسكري والغدد الصماء والوراثة في عمّان. تستقبل المراجعين وتتابع معاملاتهم بإنسانية ومحبة وشغف. كثيرٌ من الحالات الإنسانية التي تستقبلها يكون على شاكلة التحقق من الجينات للكشف عن مرض وراثي معين، وإمكانية نقل الأمراض الوراثية للأجنّة، وإمكانية علاج هذه الأمراض والطفرات، وغيرها..

جزءٌ كبير من عملها - وعمل أي شخص في مراكز كتلك - هو الدعم النفسي، وزرع الأمل - الحقيقي، لا الوهمي - في نفوس المراجعين الباحثين عن أية​ بارقة أمل تمدّهم بالحياة في مواجهة تلك الطفرات أو التشوهات الخلقية. اللطيف، أنّ هذا الجزء في الحقيقة ليس مطلوباً بالضرورة وبالنصوص التعاقدية من أي العاملين في هكذا وظائف، وهو تصرفٌ وخيار شخصي بحت؛ لكنّه ما يجعل للحياة معنى، ويترك أثراً كشجرةٍ طيبة يمتدُّ غرسها لسنواتٍ قادمة.

نادين، البارحة بعثٙت لنا صورة رسالة وردتها من سيدة غريبة بالكاد تذكرها أو تعرفها. السيدة تحمّلت عناء البحث عن نادين لتشكرها وتبعث لها تخبرها (التالي هو روايتي للرسالة وليس نسختها الأصلية): "لا اعرف إن كنتِ تذكريني. راجعتُ المركز بداية العام الماضي وقد فقدتُ كلّ بصيص أمل في أن أنجب طفلاً سليماً لوجود طفرة وراثية معينة. أدخلني المختصون في حالة يأس ونصحوني بعدم التجربة لأنّ فرصي في إنجاب طفل سليم ضئيلة للغاية. قابلتكُ حينها وكلي حزن. هدئتِ من روعي ودعمتيني ورشّحتِ لي الطبيبة المناسبة لمراجعتها وشرح حالتي لها. راجعتُها، وحملتُ، وفحصتُ الجنين وتابعته طوال فترة الحمل. أرسل لكِ اليوم لأخبركِ أنني قد أنجبتُ فتاةً سليمة لا تحمل الطفرة الوراثية وصحتها ممتازة. وقد أسميتُها "نادين" تيمُّنناً بك. لن أنسى ما فعلتِ مدى الحياة" -- انتهت الرسالة.

دفقاتُ الامل التي من الممكن أن نمنحها لمن حولنا يومياً - في عملنا، في تعاملاتنا، في لقاءاتنا، في حياتنا - كبيرة جداً ولا يمكن تصور أثرها على المدى القريب والبعيد، والذي قد نلمسه يوماً ما. تخلّدٙت لـ"نادين" نادين أخرى تحمل اسمها وتروي قصة هذه اللفتة الطيبة لعقودٍ قادمة. أنا مُمتنة لجمال ما فعلٙت، وسعيدة جداً بها :)

0 comments :

Post a Comment