Sunday, 27 September 2015

الرياضيات في الشعر العربي (٢ - ٢): المعادلات الجبريّة

عرف العرب في جاهليتهم بعض الافتراضات من المعادلات الجبريّة التي صاغها بعضهم شعراً، كقول النابغة الذبياني في معلّقته:

"واحكم كحُكم فتاة الحيِّ إذ نظرت ..... إلى حمام شراعٍ واردِ الثَّمَدِ
قالت ألا ليتُما هذا الحمامُ لنا ..... إلى حمامتنا ونصفه فقدِ
فحسّبوه فألفوه كما حسَبَتْ ..... تسعاً وتسعين لم تنقُص ولم تزدِ
فكمّلت مائةً فيها حمامتُها ..... وأسرعَتْ حسبةً في ذلك العددِ"

حلّ هذه المسألة بالطريقة الجبريّة هو:
س + (س/2) + 1 = 100
(3/2)س= 99
س = (2*99)/3

>> س = 66 (عدد الحمام المشار إليه) :)

Read more…

الرياضيات في الشعر العربي (١ - ٢): حساب الجُمَّل

عُرف حساب الجُمّل عند العرب، وعند غيرهم. وقد استُخدم لأغراض التاريخ؛ فجعلوا لكل حرف قيمةً عددية وفق الترتيب الأبجدي (أبجد هوز حطي كلمن سعفص قرشت ثخذ ضظغ)، وذلك على الصورة التالية:

أ: ١، ب: ٢، ج: ٣ ،د: ٤، ه: ٥، و: ٦، ز: ٧، ح: ٨، ط: ٩، ي: ١٠، ك: ٢٠، ل: ٣٠، م: ٤٠، ن: ٥٠، س: ٦٠، ع: ٧٠، ف: ٨٠، ص: ٩٠، ق: ١٠٠، ر: ٢٠٠، ش: ٣٠٠، ت: ٤٠٠، ث: ٥٠٠، خ: ٦٠٠، ذ: ٧٠٠، ض: ٨٠٠، ظ: ٩٠٠، غ: ١٠٠٠

مثال:
قال شاعرٌ في رثاء شاعرٍ آخر توفي:
"سألتُ الشعر هل لك من صديقٍ ..... وقد سكن الدلنجاويُّ لحده
فصاح وخرَّ مغشياً عليه ..... وأصبح راقداً في القبر عنده
فقلتُ لمن يقولُ الشعر أقصد ..... لقد أرّختُ: مات الشعرُ بعده"

جملة (مات الشعرُ بعده) والتي وردت بعد كلمة (أرّختُ) تشير إلى تاريخ وفاة الشاعر الدلنجاوي:
 ٤٠ + ١ + ٤٠٠ + ١ + ٣٠ + ٣٠٠ + ٧٠ + ٢٠٠ + ٢ + ٧٠ + ٤ + ٥= ١١٢٣
وعليه تكون وفاة الدلنجاويّ عام ١١٢٣ هجري.

 مثال آخر:
عندما توفي السلطان الظاهر برقوق، أرّخ أحدهم تاريخ وفاته بأن قال: "مات برقوق في المشمش". جملة (في المشمش):
٨٠ + ١٠ + ١ + ٣٠ + ٤٠ + ٣٠٠ + ٤٠ + ٣٠٠ = ٨٠١
وقد توفي الظاهر برقوق سنة ٨٠١ هجرية.

Read more…

Thursday, 24 September 2015

أُغنّي بالفصحى - الجزء الأول

خطر لي قبل سنة ونصف تقريباً وبشدة أن أُطلق صفحة على Facebook لترجمة الأغاني العامّيّة للفصحى؛ للإشارة إلى المستوى الخرافي الذي وصلت له كلمات الأغاني المتداولة في عالمنا العربي.

قمتُ بترجمة بعض الأغاني؛ لكن لم أقم بإنشاء الصفحة. وجدتُ منذ فترة "فعالية" event تتناول نفس الفكرة (ليست من إنشائي)؛ فقبل أن ينتشر الموضوع كالعادة ويتم استهلاكه، سأنشر هنا أشهر القطع الفنية التي قمتُ بترجمتها.
---------------------------------------------------------------------
انْظُر إلى الجَرْح
قَبَّل الجَرْح
دَع الجَرْحَ يَبْرَأ
عِنْدَما قَبَّلْتَهُ
الجَرْحَ أَزَلْتَهُ
وانْتَهى الجَرْح
(‫#‏لَيْك_الواوا‬ #هيفاء_وهبي).
---------------------------------------------------------------------
يا أمي يا أمي، لا ماء ولا طعام
لا يحلو لي النوم، ولا صحبة الأصدقاء، ولا شيء أبداً
أخبروني أنّ هناك أحجاراً خاصة يمكن وصفها للأشخاص منشغلي البال
فقررتُ أن أذهب وأعاين الأمر، لأرى ما الّذي حلّ بحظي
(#يامّايا #ديانا_حداد).
---------------------------------------------------------------------
إِحْساسٌ جَديد
في قَلبِكَ يَزيد
تَسْتَشْعِرُهُ كُلّما نَظَرْتَ إِلَيَّ
أَنّكَ دائماً
بِيَ مُنْشَغِلٌ
تَشْتاقُني، وَتَحِنُّ إِلَيَّ
أنا لا أريد مِنْكَ كلاماً
يُذيبُني عِشْقَاً وهِياماً
تَكْفيني.. كَلِمَةُ "أُحِبُّك"
هذه الكَلِمَة كَفيلةٌ بِإِرْدائي قَتيلة
‫(#‏إحساس_جديد‬ ‫#‏نانسي_عجرم‬).
---------------------------------------------------------------------
إِنَّكَ أُسْتاذٌ، نَسْتَقي مِنْ عِلْمِك
نَصْمِتُ في حَضْرَتِك، لا نَنْبِسُ بِبِنْت شَفَة
كُلُّ مَنْ تَرَكَك مَخْبول.. سَيَعُضُّ أَصابِعَهُ نَدَماً
لا تُصِخ السَّمْعَ لِمَنْ يُغَرِّرُ بِك.. إِنَّكَ أُسْتاذٌ
نَظْرَةٌ في الإيماءة.. تُمَكِّنُكَ مِنْ قِياسِ الحَرارة
لَقَد أَفْقَدْتَ النّاسَ أَلْبابَها في الحُبّ
كُلُّ مَنْ تَرَكَك مَخْبول.. سَيَعُضُّ أَصابِعَهُ نَدَماً
لا تُصِخ السَّمْعَ لِمَنْ يُغَرِّرُ بِك.. إِنَّكَ أُسْتاذٌ
إِنَّكَ أُسْتاذٌ، نَسْتَقي مِنْ عِلْمِك
نَصْمِتُ في حَضْرَتِك، لا نَنْبِسُ بِبِنْت شَفَة
تَسْتَحِقُّ أَنْ نَبْتاعَ لَكَ مَرْوَحِيّة
لكِنَّ المَرْوَحِيَّةَ لَنْ تَكْفي لِلتّعبيرِ عَنْ شُعورِنا نَحْوَك
تُحَلِّقُ بِها عالِياً.. لا يَرقى أَحَدٌ لِمَكانَتِك
كُلُّ مَنْ تَرَكَك مَخْبول.. سَيَعُضُّ أَصابِعَهُ نَدَماً
لا تُصِخ السَّمْعَ لِمَنْ يُغَرِّرُ بِك.. إِنَّكَ أُسْتاذٌ
‫(#‏إنتَ_معلّم‬ ‫#‏سعد_لمجرّد‬).
---------------------------------------------------------------------
أَعادَتْني عَيْناكَ لِأَيّامي الّتي خَلَت
عَلَّمَتْني أَنْ أَنْكَأَ جِراحَ الماضي
كُلُّ ما رَأَيْت.. كُلُّ ما رَأَيْت..
قَبْلَ أَنْ تَلْمَحَكَ عَيْناي
هُوَ عُمْرٌ مَهْدور
كَيْفَ يَجْمَعونَهُ إِلى عَدّادِ عُمْري؟
أَنْتَ عُمْري..
الّذي أَشْرَقَ صَباحَهُ بِنورِك
‫(#‏إنتَ_عمري‬ ‫#‏أم_كلثوم‬).
---------------------------------------------------------------------
أُغنّي بالفصحى - الجزء الثاني

Read more…

Friday, 4 September 2015

القليل من "الشخصنة"، عن سوريا

أولاً، لم أحب يوماً أن أكتب "سوريا" بالتاء المربوطة (سورية). ولا أحبُّ أن أُشدّد الياء فتغدو "سوريّا". هي عندي: "سوريَا"، بقرارٍ شخصيٍّ جداً يُشعرني بحميميةٍ خاصة مع هذا البلد؛ فأكتب اسمه وأنطقه كما أشاء.

كنتُ طالبةً في الجامعة الأردنية، تخرجت، حصلتُ على وظيفتي الأولى، استقلتُ منها، حصلتُ على وظيفتي الثانية والحالية. بالنسبة لي، هذا عمرٌ كامل، هذه سنين كثيرة وأحداثٌ كثيرة وأناسٌ كثر. أتنبّهُ فجأة: بدأت "أحداث سوريا" حينما كنت طالبةً في الجامعة! من أول هذه الحلقة، وأنا أنشر عن سوريا.

أذكر تماماً أول ما نشرتُ حين بدأ "الربيع العربي" يحطُّ رحاله في سوريا: أغنية "شآم" للفنانة السورية لينا شماميان. كتبتُ حينها أنها تهليلةٌ لأرواح أولئك الذين سلّموا أرواحهم إلى بارئها في ذلك الأسبوع.

لم أتصور يوماً أن تنقضي كلُّ هذه السنين، ويفقد كلُّ أمرٍ معها جدواه. فلا تهليلة تنفع، ولا كلام يُعزّي، ولا مقبرة تسع، ولا بلاد تستقبل، ولا شطآن تحمل، ولا بحار تُقِل، شعباً كاملاً جُرِّد من وطنه وخيراته وأمانه ومسكنه وأرضه، ولو إلى كل بقاع الدنيا.

أيُّ قبحٍ في هذا العالم يستدعي أن تتشبث ثلةٌ من المجرمين الطغاة بالسلطة، وتجبر بلداً عظيماً كهذا أن يلفظ أهله وأبناءه؟ أن يصبح السؤال بلا إجابة؛ فرحيل بشار ما عاد يكفي، تفكيك الجيش ما عاد يكفي، داعش، النصرة، الجيش الحر، إيران، حزب الله، .. لا شيء يكفي!

أن يلفظك وطنك وهو ما زال على قيد الوجود، هذا أمرٌ قبيحٌ جداً. مؤلمٌ جداً.

ثم يأتي ذلك الرجل العميق المحنّك مسترخياً على فراشه الوثير يقلّب التلفاز فتُفسد مزاجه أخبار "طالبي الهجرة" السوريين إلى أوروبا ويقول: "أي مين قال لهم يتركوا بلدهم؟ طمعانين بفلوس أوروبا وعيشة أوروبا!". يا أخي - بقليل من الشخصنة - جرّب أن تتصور نفسك مكانه؛ لا تأمن على أولادك أن يذهبوا إلى المدرسة، أو يناموا بأمان، لا تستطيع أن تؤمّن لهم قوت يومهم، تخاف أن تقتلعك وأهلك قديفةٌ مجهولة المصدر! هل كنت ستبقى؟ ولو خُيّرت بين المخيمات ورحلة التهريب المميتة إلى أوروبا، بأيّ أملٍ ستتشبث؟ أيُّ "حياةٍ" ستختار؟

صادفتُ أحدهم ولاح لي أنّ لهجته قريبةٌ من اللهجة السورية. سألتُه إن كان سوريّاً فأجاب بالنفي. أطرق قليلاً ثم قال - مازحاً -: "بتعرفي، زمان الواحد كانوا إذا فكّروه سوري ينبسط إنه يعني شب متكتك ومرتب وهيك. هلأ إذا سألوه (إنتَ سوري) بصير يقول (شو قصدك يعني آه؟!)..".

تركني أفكر كثيراً.

منذ متى كانت سوريا غريبة عنا؟ منذ متى كان السوريون غيرنا؟ 

سوريا جزءٌ من طفولتي وصباي؛ زملائي السوريون في المدرسة والجامعة، برامج التلفزيون السوري للأطفال شغلتني في صغري، العربية السليمة أحبّ سماعها من أيّ سوريٍّ في أيِّ لقاءٍ متلفز ينطق بها جميلةً صحيحةً عذبة دون أيِّ تكلّف، طبق أقراص الكبة الذي كانت ترسله جارتنا الشامية لنا، حلويات ومخللات و"مقدوس" وهدايا الشام يجلبها والداي لنا بعد زيارةٍ قصيرة لدمشق في عطلة نهاية الأسبوع! كيف تهون على الإنسان كلُّ هذه الذكريات من بلدٍ واحدٍ ملاصقٍ لنا بجغرافيته، ولقلوبنا بحميميته؟ أتساءل كيف.

أتأملُ قليلاً، وأصمت. لا يشغلني شيء سوى تلك الفتاة - في سوريا - التي كانت في مثل عمري؛ طالبةً في الجامعة، مليئةً بكل أسباب الحياة، أراني أنا الآن أعمل في وظيفتي الثانية في بلدي، وأراها هي تكسّرت أحلامها تتشبثُ برمقٍ آخرَ للحياة في أحد القوارب المتجهة لأوروبا. وفي البال، صورةُ وطنٍ غدا الحلم: سوريا.

Read more…