Friday, 5 August 2016

المعرفة قبل جوجل

قصة قصيرة من وحل الواقع عن المعرفة، في زمن "الما قبل جوجل" :)

واجبٌ مدرسي، ابحث عن نص الحديث النبوي: "سبعةٌ يظلّهم الله في ظلّه يومَ لا ظلَّ إلّا ظلّه" كاملاً واكتبه في الكرّاسة، مقابل بعض العلامات.

سؤالٌ كهذا لا يرقى اليوم أن يكون عارضاً في حوارٍ حتى؛ يكفي أن تمسك هاتفك وتُدخل بعض الكلمات سريعاً، تجد الإجابة وتعود إلى إكمال الحوار.

لكن، في ذلك الزمن، لم يكن "جوجل" - قدّسَ اللهُ سرّه - قد شَبَّ عن الطّوق بعد.

كان من الطبيعي إذاً أن أجد نفسي أقلّب كتب والدي بحثاً عن مرادي. وقعتُ على كتاب "رياض الصالحين" للإمام النّووي. البداية المنطقية للبحث في أيّ كتاب هي الفهرس؛ المشكلة أني لم أستطع أن أخمّن تحت أيّ بابٍ من أبواب ذلك الكتاب يمكن لهذا الحديث أن يُصنّف. 

ولأنّ الموضوع قد غدا شخصياً جداً بالنسبة لي، كان عليّ أن ألجأ إلى الخيار الآخر. مسكتُ الكتاب، وقررت أن أجوب صفحاته التي تربو قليلاً على الخمسمائة، صفحةً صفحة، إلى أن أقع على ضالّتي.

أذكر جيداً أني قلّبتُه باباً باباً وصفحةً صفحة بطريقة المسح السريع، حتى وصلتُ إلى الصفحة 135 - لا يمكنني أن أنسى هذا الرقم مهما حاولت :)، دون أن أعثر على نص الحديث المطلوب. حينها، ذهبتُ إلى والدي - وقد اعترتني خيبةُ الأمل - وأخبرته القصة. عرض أن يعاونني في البحث قليلاً وسألني أين وصلت؛ قلت: "صفحة 135".

ذهبتُ إلى غرفتي، وما هي إلا هُنيهات حتى ناداني والدي قائلاً: "إمامٌ عادل، وشابٌّ نشأ في عبادة الله عزّ وجل، ورجلٌ قلبه معلّقٌ بالمساجد..." (إلى آخر الحديث).

كنتُ قد وصلتُ في بحثي حتى الصفحة 135، وكان الحديث المطلوب في الصفحة 136 تماماً! مسحتُ 135 صفحة وكان على والدي أن يقلب صفحةً واحدة فقط لكي يجد ذلك النص.

أذكر هذه الحادثة كلما مسكتُ هاتفي وقلت "Ok Google"، وبدأتُ بطرح أسئلتي التي يمطرني "جوجل" بوابلٍ من الإجابات والاقتراحات عليها في أجزاء من الثانية! كانت أيام من الزمن الجميل على فكرة :) 

1 comment :

  1. Google did not invent web search though.

    ReplyDelete