انقضت أيامُ العيد (عيد الفطر) إذاً. كتبتُ في أولها أنّ أداء صلاة العيد في الهواء الطلق له بهجةٌ خاصة. جاء تعليق خالتي التي تسكن الكويت مدوياً بالنسبة لي: "حظرت السلطات الكويتية إقامة الصلاة في الساحات المفتوحة وحصرتها بداخل المساجد حفاظاً على سلامة المواطنين والوافدين"، وتحسُّباً - بطبيعة الحال - لأية هجماتٍ إرهابية. أثار تعليقها في مخيلتي ذكرى تفجير مسجدٍ شيعي في الكويت قبل بضعة شهور. أذكر حينها أنني توجّستُ وقت ذهابي إلى المسجد هنا لأداء صلاة الجمعة، واستحضرتُ تلك التفجيرات طوال الصلاة وتهيأ لي أن المسجد قد ينفجر بي وبسائر المصلين في أية دقيقة.
لحظاتٌ كهذه تجعلني أقف وأفكر قليلاً، كثيراً. نحن نعيش حالةً من التسليم بكل مُقدّرات الحياة هذه دون عناءٍ أو تعب. يحلو لي أن أفكر أنه من الطبيعي جداً أن يقيم الإنسان شعائره الدينية ويمارس حياته بكل رتابة دونما خوفٍ أو قيد. لحظاتٌ كتلك فقط تجعلني أعيد حساب الأمور في رأسي. تجعلني أحمدُ الله أنني آمنة في وطني أصول وأجول كما يحلو لي. تجعلني أوقن أنّ ترنيمة "الأمن والأمان" التي نكررها بسخرية أحياناً هي في الحقيقة مطلبٌ وغاية لا نستشعرها في خضم انشغالاتنا اليومية وقد لا ندرك معناها إلا في اللحظة التي يغدو بها أداء صلاة العيد في الهواء الطلق حُلماً أو ذكرى من الماضي.
تمنيتُ في تلك اللحظة - حالمةً سارحة - أن يختفي هذا الحقد والخوف والترهيب من هذا العالم. أن تنتهي هذه الكراهية. أن لا يُروّع أيٌّ كان في وطنه. أن لا يخشى الإنسان على حياته في طريقه إلى دار عبادته أياً كان. أن أحمدَ الله قليلاً أكثر أنني حظيتُ بما لم يحظَ به غيري، بما توقف غيري عن التنعُّم به.
0 comments :
Post a Comment