Monday 4 September 2017

عن اختلاس الفرح، والسعادة

السعادة نسبية، مفهومها مختلف من شخصٍ لآخر. جميعنا نبحث عنها وإن كنّا لا ندركُ كَنَهَها ونتمكنُ من تجريدها إلى نقاطٍ ملموسة تُوصلُنا إلى تحقيقها بالضرورة.

كذلك، مُسبباتُ الفرح متغيرة من سنة إلى سنة، من شهر إلى شهر. فالذي كان يملؤ القلب بالسعادة في أعوامٍ خلت قد لا يكون ما يسببها الآن أو في المستقبل؛ ولعلّ هذا سُنّةً يفرضها دوران الحياة، والنضج، وتراكم الخبرات.

أمّا تلك الطفلة الصغيرة التي بداخلي، فما زلتُ أحرصُ على أن تبقى فرِحة ومليئة بأسباب السعادة. يُسعدني سماعُ صوتها والأخذ برأيها في كثيرٍ من الأحيان. يُقلقني هاجسُ أنّها قد تموت وتَخفت، في غمرة هذه الحياة.

كلما تقادم بي العمر، وتزايدت ضغوط الحياة بطبيعة الحال، كلما أدركتُ حقيقة أنّ "لذّة العيش اختلاس". اختلاسُ السعادة فن، البحث عن أسباب السعادة فن، وعلم، ومهارة تُكتسب.

فماذا تصنعُ كي تلمسَ الفرح؟

بحثتُ مع نفسي عن مسبباتٍ أخلقها لصنع الفرح، وإدخال السعادة إلى قلبي: كلما شعرتُ ضغط الحياة يُطبقُ على أنفاسي في فترةٍ ما، أجدني أستيقظ مبكراً لقراءةِ كتابٍ بعيدٍ عن كلِّ شيء، كلِّ شيء؛ فيُضفي على يومي شيئاً من السلام وطمأنينة الروح.

في الجانب المقابل تماماً، بعد يومٍ حافلٍ مضنٍ وطويل، أجدني أقفُ أمام المرآة، أتقافزُ بعشوائيةٍ صارخة، بصحبة موسيقى وكلمات سخيفة، تافهة، جداً.. كثيراً.. تزيل الهموم (والبُقع، وتقتل ٩٩٪ من الجراثيم :))، وتعتقني من سطوة تلك السلبية المباغتة..

أتناولُ قطعةً من الشوكولا الداكنة..

أركنُ السيارة وأشغّل الموسيقى على "الموبايل" وأمشي لساعاتٍ طويلة بلا وجهةٍ محددة حتى تؤلمني قدماي..

أسكبُ أفكاري وكلّ ما يدور في خُلدي في مفكّرتي، أرتّبُها، أنمّقها، ثمّ أُخفيها جيداً كي لا يصل إليها أحد.

أخرجُ بمفردي وأشتري ملابس لا أحتاجها، ولن أرتديها، وحاجيّات لا تلزمني، ولن أستخدمها، ثمّ ينتهي بي الأمر بالتخلّص منها جميعاً.. (تصرّف مقيت؛ أضبطُ نفسي وأتجاوزه :)).

أتناولُ رقائق البطاطا المملّحة.

أشربُ كوباً من شاي الفقاقيع (ترجمة حرفية جداً لـ"بَبِلْ تيي").

أذهبُ وحيدةً إلى السينما وأستمتعُ بحضور فيلمٍ يؤججُ مشاعري ويُبكيني على الأغلب، حتى لو كان عن علم المحيطات..

أخرجُ إلى الطبيعة وأتأملُّ العالم حولي من مكانٍ مُطل.

وفي العام الماضي، صادفتُ مقالاً عن التلوين، وكيف له أن يُطلق العنان للمشاعر السلبية كي تذهب بغير رجعة. أُحضّرُ ألواني ودفتر الرسمات، وأحيلُ بياض الصفحة إلى ألوان تتراقص وتُبهجني في حينها.. (كهذه الصورة :)).

---------

صادفتُها مراراً باللغة الإنجليزية: كثيرون يبحثون عن السعادة ويستعرضون أسبابها تحت مسمّى أسباب "الامتنان"، "الشكر"، أو حتى "الفرح".

سأبحثُ في الثلاثين يوماً القادمة - إن شاء الله - عن ثلاثين سبباً ومُسبباً للسعادة، وأشاركها هنا، باللغة العربية، تحت وسم #ثلاثون_يوماً_من_السعادة. لتكون تذكيراً وبُرهاناً شخصياً - بالدرجة الأولى - أنّ السعادة مُمكنة، واختلاسُها مطروح :) 

---------

وأنت (لو وصلت في القراءة إلى هذا الموضع :))، ماذا تصنع كي تلمس الفرح؟ أخبرنا/أخبرينا بتعليق :)

0 comments :

Post a Comment